وفاة الحافظ أبي داود – صاحب السنن
4life :: القسم الاسلامي :: مفكرة الاسلام
صفحة 1 من اصل 1
وفاة الحافظ أبي داود – صاحب السنن
الزمان/ 16 شوال - 275هـ
المكان / البصرة – العراق .
الموضوع / وفاة الحافظ الكبير أبي داود السجستاني صاحب أصح كتاب في السنن.
الأحداث /
مفكرة الإسلام : أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة قال 'كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة [وآخرين منهم لما يحلقوا بهم] قالوا من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعهم حتى سئل ثلاثاً وفينا سلمان الفارسي فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسي ثم قال 'لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجاله أو رجل من هؤلاء' وقد كان كما قال الحبيب عليه السلام فلقد خدم الإسلام ووضح معالم الإيمان كثير من الرجال الأعاجم الذين لا يرجعون لأصول عربية ولم يولدوا أصلاً ببلاد العرب بل ولدوا ونشأوا وترعرعوا بين الأعاجم وضربوا لنا أروع الأمثلة في العلم والتعلم والصبر والثبات في طلب الحق وصاحبنا في هذه الصفحة واحد من هؤلاء.
هو الإمام المقدم والحافظ الكبير أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق السجستاني نسبة إلى إقليم سجستان 'يقع في إيران الآن' وينسبه بعض العلماء 'السجزي' بدلاً من السجستاني, ولد سنة 202هـ بسجستان وشب من صغره ومن نعومة أظافره على القرآن والسنة والعلوم الشرعية فحفظ القرآن صغيراً وسمع من مشايخ بلاده وكان هذا الإقليم مشهوراً بكثرة المحدثين فيه لميل أهل بلاد ما وراء النهر عموماً لرواية الحديث ثم انتقل وهو صغير في الثامنة عشر إلى مدينة البصرة واستقر بها لسماع الحديث من محديثها وظل بها فترة طويلة ثم قام برحلة علمية كبيرة إلى الشام والحجاز ومصر وخراسان والكوفة وغير ذلك من البلدان لسماع الحديث حتى صار إماماً مقدماً من أئمة هذا الشأن الرحالين إلى الآفاق وجمع وصنف وخرج وألف وسمع الكثير حتى اجتمع عنده كتاب السنن الذي تولى تصنيفه ببغداد وعرضه على الإمام أحمد فاستجاده واستحسنه.
يقول أبي داود عن نفسه 'كتبت عن رسول الله خمسمائة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته كتاب السنن جمعت في أربعة آلاف حديث وثمانمائة حديث ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث 'إنما الأعمال بالنيات' 'من حسن إسلام المرء' 'لا يكون المؤمن مؤمناً' 'الحلال بين والحرام بين'. واتبع أبو داود في هذه السنن طريقة جيدة في التصنيف والترتيب والتبويب قريبة من البخاري رحمه الله وأخرج في كتابه هذا ما رواه الشيخان وما رواه أحدهما دون الآخر وما لم يخرجاه ولكن توافرت فيه شروط الصحة وما كان معلولاً بعلة ما في رواية أخرى سلمت روايته من هذه العلة ما كان معلولاً مع بيان سبب إعلال الحديث لذلك جاء كتابة درة على جبين العلم والعلماء قال فيه الغزالي 'يكفي المجتهد معرفتها 'يعني كتاب السنن' من الأحاديث النبوية وهو الكتاب الذي حمل الخليفة الأندلسي يوسف بن عبد المؤمن في دولة الموحدين الناس عليه وألزم الفقهاء به دون باقي الآراء الفقهية, وقال الإمام الخطابي 'إن كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنف في حكم الدين كتاب مثله وقد رزق القبول من الناس كافة فصار حكماً بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم, وكان تصنيف العلماء في الحديث قبل أبي داود الجوامع والمسانيد ويشمل الأخبار والمواعظ والقصص أما السنن المحضة فلم يقصد أحد منهم جمعها ولم يقدر على تلخيصها واختصار مواضعها من أثناء تلك الأحاديث الطويلة كما حصل لأبي داود ولهذا حل كتابه عند أئمة أهل الحديث وعلماء الأثر محل العجب فضربت فيه أكباد الإبل ودامت إليه الرحل' انتهى كلام الخطابي.
جمع أبو داود بجانب علمه الواسع الزاخر بحديث رسول الله علوماً أخرى برع فيها وتقدم خاصة علم الفقه فهو معدود من الفقهاء الكبار ومن أخص تلاميذ الإمام أحمد بن حنبل والكثير يعدونه من الحنابلة, وتبويبه في السنن يدل على فقه كبير ودراية واسعة بمعاني الحديث والمستفاد منها.
ظل أبو داود مقيماً بالبصرة منها يتنقل لسائر البلدان ثم يعود إليها حتى كانت فتنة الخبيث المدعي الذي قاد ثورة الزنج وأحرق مدينة البصرة سنة 257 فخرج منها أبو داود حاملاً كتبه وأوراقه وأقام ببغداد فلما أهلك الله عز وجل الخبيث وقمع فتنته سنة 270 هـ على يد الأمير الموفق ابن أحمد أخي الخليفة العباسي المعتمد, جاء الموفق إلى أبي داود وقال له عندي لك ثلاث طلبات أريد منك أن تحققها فقال له أبو داود ما هي ؟ قال له الموفق:'تعود إلى البصرة لتقيم فيها حتى يرحل إليها طلبة العلم ليسمعوا منك ويعود العمران لهذه المدينة الخربة فقال أبو داود نعم أفعل, فقال له الموفق وتأذن لأبنائي الأمراء الثلاثة أن يسمعوا منك كتبك فقال أبو داود نعم أفعل فقال له الموفق ويكون ذلك في مجلس خاص فقال أبو داود لا أفعل لأن مجالس العلم عامة لا يمنع منها أحد ولا يخص بها أحد فوافق الموفق ولم يغضب منه .
كان أبو داود حريصاً على استمرار راية العلم ورواية الحديث في أهله فحمل معه ولده أبا بكر في كل رحلاته العلمية ليسمع مثله الحديث حتى صار هذا الولد من أئمة الحديث المعتبرين مثل أبيه.
أما عن ثناء الناس عليه فقد أجمعوا على الثناء عليه ولم تذم منه خليقة ولم يعرف له عيب, قال أبو بكر الخلال 'أبو داود الإمام المقدم في زمانه رجل لم يسبقه إلى معرفة تخريج العلوم وبصره بمواضعها أحد من أهل زمانه رجل ورع مقدم' وقال إبراهيم الحربي 'ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود الحديد' وقال أحمد الهدوي الحافظ 'كان أبو داود أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول الله وعلمه وعلله وسنده في أعلى درجة النسك والعفاف والورع ومن فرسان الحديث في عصره بلا مدافعة' قال موسى بن هارون 'خلق أبو داود في الدنيا للحديث وفي الآخرة للجنة' وقال النووي 'اتفق العلماء على الثناء على أبي داود ووصفه بالحفظ التام والعلم الوافر والإتقان والورع والدين والفهم الثاقب في الحديث وغيره' وقال محمد بن مخلد 'لما صنف أبو داود كتاب السنن وقرأ على الناس صار كتابه لأصحاب الحديث كالمصحف يتبعونه ولا يخالفونه' وجاء سهل التستري مرة لأبي داود وطلب منه أن يقبل لسانه الذي يروي حديث رسول الله فأخرج أبو داود لسانه فقبله سهل وبهذا الأثر يحتج بعض المعاصرين على جوار تقبيل اللسان !
كان ابن مسعود يشبه النبي صلى الله عليه وسلم في هديه ودله وسمته وكان علقمة يشبهه وكان إبراهيم النخعي يشبه علقمة وكان منصور يشبه إبراهيم وكان سفيان الثوري يشبه منصور وكان وكيع يشبه سفيان وكان أحمد بن حنبل يشبه وكيعاً وكان أبو داود يشبه أحمد , فرحم الله أبا داود .
المكان / البصرة – العراق .
الموضوع / وفاة الحافظ الكبير أبي داود السجستاني صاحب أصح كتاب في السنن.
الأحداث /
مفكرة الإسلام : أخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة قال 'كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة [وآخرين منهم لما يحلقوا بهم] قالوا من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعهم حتى سئل ثلاثاً وفينا سلمان الفارسي فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسي ثم قال 'لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجاله أو رجل من هؤلاء' وقد كان كما قال الحبيب عليه السلام فلقد خدم الإسلام ووضح معالم الإيمان كثير من الرجال الأعاجم الذين لا يرجعون لأصول عربية ولم يولدوا أصلاً ببلاد العرب بل ولدوا ونشأوا وترعرعوا بين الأعاجم وضربوا لنا أروع الأمثلة في العلم والتعلم والصبر والثبات في طلب الحق وصاحبنا في هذه الصفحة واحد من هؤلاء.
هو الإمام المقدم والحافظ الكبير أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق السجستاني نسبة إلى إقليم سجستان 'يقع في إيران الآن' وينسبه بعض العلماء 'السجزي' بدلاً من السجستاني, ولد سنة 202هـ بسجستان وشب من صغره ومن نعومة أظافره على القرآن والسنة والعلوم الشرعية فحفظ القرآن صغيراً وسمع من مشايخ بلاده وكان هذا الإقليم مشهوراً بكثرة المحدثين فيه لميل أهل بلاد ما وراء النهر عموماً لرواية الحديث ثم انتقل وهو صغير في الثامنة عشر إلى مدينة البصرة واستقر بها لسماع الحديث من محديثها وظل بها فترة طويلة ثم قام برحلة علمية كبيرة إلى الشام والحجاز ومصر وخراسان والكوفة وغير ذلك من البلدان لسماع الحديث حتى صار إماماً مقدماً من أئمة هذا الشأن الرحالين إلى الآفاق وجمع وصنف وخرج وألف وسمع الكثير حتى اجتمع عنده كتاب السنن الذي تولى تصنيفه ببغداد وعرضه على الإمام أحمد فاستجاده واستحسنه.
يقول أبي داود عن نفسه 'كتبت عن رسول الله خمسمائة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته كتاب السنن جمعت في أربعة آلاف حديث وثمانمائة حديث ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث 'إنما الأعمال بالنيات' 'من حسن إسلام المرء' 'لا يكون المؤمن مؤمناً' 'الحلال بين والحرام بين'. واتبع أبو داود في هذه السنن طريقة جيدة في التصنيف والترتيب والتبويب قريبة من البخاري رحمه الله وأخرج في كتابه هذا ما رواه الشيخان وما رواه أحدهما دون الآخر وما لم يخرجاه ولكن توافرت فيه شروط الصحة وما كان معلولاً بعلة ما في رواية أخرى سلمت روايته من هذه العلة ما كان معلولاً مع بيان سبب إعلال الحديث لذلك جاء كتابة درة على جبين العلم والعلماء قال فيه الغزالي 'يكفي المجتهد معرفتها 'يعني كتاب السنن' من الأحاديث النبوية وهو الكتاب الذي حمل الخليفة الأندلسي يوسف بن عبد المؤمن في دولة الموحدين الناس عليه وألزم الفقهاء به دون باقي الآراء الفقهية, وقال الإمام الخطابي 'إن كتاب السنن لأبي داود كتاب شريف لم يصنف في حكم الدين كتاب مثله وقد رزق القبول من الناس كافة فصار حكماً بين فرق العلماء وطبقات الفقهاء على اختلاف مذاهبهم, وكان تصنيف العلماء في الحديث قبل أبي داود الجوامع والمسانيد ويشمل الأخبار والمواعظ والقصص أما السنن المحضة فلم يقصد أحد منهم جمعها ولم يقدر على تلخيصها واختصار مواضعها من أثناء تلك الأحاديث الطويلة كما حصل لأبي داود ولهذا حل كتابه عند أئمة أهل الحديث وعلماء الأثر محل العجب فضربت فيه أكباد الإبل ودامت إليه الرحل' انتهى كلام الخطابي.
جمع أبو داود بجانب علمه الواسع الزاخر بحديث رسول الله علوماً أخرى برع فيها وتقدم خاصة علم الفقه فهو معدود من الفقهاء الكبار ومن أخص تلاميذ الإمام أحمد بن حنبل والكثير يعدونه من الحنابلة, وتبويبه في السنن يدل على فقه كبير ودراية واسعة بمعاني الحديث والمستفاد منها.
ظل أبو داود مقيماً بالبصرة منها يتنقل لسائر البلدان ثم يعود إليها حتى كانت فتنة الخبيث المدعي الذي قاد ثورة الزنج وأحرق مدينة البصرة سنة 257 فخرج منها أبو داود حاملاً كتبه وأوراقه وأقام ببغداد فلما أهلك الله عز وجل الخبيث وقمع فتنته سنة 270 هـ على يد الأمير الموفق ابن أحمد أخي الخليفة العباسي المعتمد, جاء الموفق إلى أبي داود وقال له عندي لك ثلاث طلبات أريد منك أن تحققها فقال له أبو داود ما هي ؟ قال له الموفق:'تعود إلى البصرة لتقيم فيها حتى يرحل إليها طلبة العلم ليسمعوا منك ويعود العمران لهذه المدينة الخربة فقال أبو داود نعم أفعل, فقال له الموفق وتأذن لأبنائي الأمراء الثلاثة أن يسمعوا منك كتبك فقال أبو داود نعم أفعل فقال له الموفق ويكون ذلك في مجلس خاص فقال أبو داود لا أفعل لأن مجالس العلم عامة لا يمنع منها أحد ولا يخص بها أحد فوافق الموفق ولم يغضب منه .
كان أبو داود حريصاً على استمرار راية العلم ورواية الحديث في أهله فحمل معه ولده أبا بكر في كل رحلاته العلمية ليسمع مثله الحديث حتى صار هذا الولد من أئمة الحديث المعتبرين مثل أبيه.
أما عن ثناء الناس عليه فقد أجمعوا على الثناء عليه ولم تذم منه خليقة ولم يعرف له عيب, قال أبو بكر الخلال 'أبو داود الإمام المقدم في زمانه رجل لم يسبقه إلى معرفة تخريج العلوم وبصره بمواضعها أحد من أهل زمانه رجل ورع مقدم' وقال إبراهيم الحربي 'ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود الحديد' وقال أحمد الهدوي الحافظ 'كان أبو داود أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول الله وعلمه وعلله وسنده في أعلى درجة النسك والعفاف والورع ومن فرسان الحديث في عصره بلا مدافعة' قال موسى بن هارون 'خلق أبو داود في الدنيا للحديث وفي الآخرة للجنة' وقال النووي 'اتفق العلماء على الثناء على أبي داود ووصفه بالحفظ التام والعلم الوافر والإتقان والورع والدين والفهم الثاقب في الحديث وغيره' وقال محمد بن مخلد 'لما صنف أبو داود كتاب السنن وقرأ على الناس صار كتابه لأصحاب الحديث كالمصحف يتبعونه ولا يخالفونه' وجاء سهل التستري مرة لأبي داود وطلب منه أن يقبل لسانه الذي يروي حديث رسول الله فأخرج أبو داود لسانه فقبله سهل وبهذا الأثر يحتج بعض المعاصرين على جوار تقبيل اللسان !
كان ابن مسعود يشبه النبي صلى الله عليه وسلم في هديه ودله وسمته وكان علقمة يشبهه وكان إبراهيم النخعي يشبه علقمة وكان منصور يشبه إبراهيم وكان سفيان الثوري يشبه منصور وكان وكيع يشبه سفيان وكان أحمد بن حنبل يشبه وكيعاً وكان أبو داود يشبه أحمد , فرحم الله أبا داود .
زائر- زائر
4life :: القسم الاسلامي :: مفكرة الاسلام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى